موسم الامطار

موسم الأمطار يفرض السياحة الجبلية على المنطقة الشرقية




3 / 4 / 2009م .. الجمعة


الفجيرة - ابتسام الشاعر






إن لم تكن قد سمعت عن طبيعة الفجيرة قبل التوجه إليها، ستفاجأ عند رؤيتك لمدى قرب الجبال من الشواطئ الرملية. فهذه مشاهد لن تخطر على بالك أنك ستراها في دولة الإمارات العربية المتحدة. ولئن كان هذا الأمر أعطي الفجيرة ميزة لأن تصبح خيار السياح المفضل. حيث تفصل الشوارع الرئيسية للإمارة التي تمتد لعدة أميال مابين الشواطئ الذهبية الدافئة للمحيط الهندي وتزينها المنتجعات والفنادق والطبيعة الخلابة للبحر، وبين جبال هاجر التي تحتضن القلاع والحصون ومواقع الأثرية المحاطة بالوديان وأشجار النخيل من كل جهة.


إلا أن موسم الأمطار الحالي قد فرض نفسه وبقوه على المقاصد السياحية للعائلات في الساحل الشرقي، فبعد أن كانت المواقع الأثرية والشواطئ الزرقاء الهادئة هي ما يغري العائلات ويجذبها، أصبحت الوديان والمناطق الجبلية هي المقصد الوحيد للمقيم والزائر. وكان موسم الأمطار الحالي موسم خير ورحمة لم تشهده المنطقة منذ فترات طويلة، فقد أنعش الأمطار كافة الوديان الكبيرة التي تجري بالمنطقة وملئت سدودها بالمياه العذبة، كما وساهمت في خلق أجواء ربيعية دافئة حولت أراضي الساحل الشرقي الحارة المغبرة إلى مسطحات خضراء اكتست بالأعشاب والزهور البرية.


سفاري بين الجبال


أجمل ما يميز السياحة في إمارة الفجيرة هذه الأيام رحلات السفاري الجبلية التي لا تكون إلا بسيارات الدفع الرباعي، حيث تسير بك الطرق الداخلية الجبلية الوعرة صعودا تارة على قمم الجبال وهبوطا تارة أخرى بين مجاري الوديان لتذهب بك إلى أماكن جميلة جدا قد لا تخطر على بال أحد، أماكن رسمتها الطبيعة في لوحة خيالية تلاقت فيها مياه الوديان العذبة مع الظلال الوافرة للأشجار البرية المخضرة، لكن ليس من السهل على أي زائر الوصول إلى مثل هذه المناطق المرتفعة أو القيادة في مثل هذه الطرقات، إذ لا بد أن يكون ملما بمخاطرها وبتفرع مساراتها الوعرة الداخلية، والتي في الأغلب قد لا تكون مكشوفة إلا لسكان الإمارة أنفسهم.


إلا أن مجاري الوديان الكبرى مثل وادي حام والذي يصل طوله إلى 29 كيلو متراً، يسمح لزوار الإمارة بالتمتع بسياحة الوديان حيث يأخذ الوادي حيزا كبيرا من الأراضي الواقعة على الطريق العام المؤدي إلى مركز المدينة، فقد شكل في الآونة الأخيرة الوجهة الرئيسية للعائلات والسياح، لقضاء نزهة فريدة في مثل هذا الموسم، فضلا عن 9 وديان أخرى جرت مياهها منذ الأيام الأولى للأمطار، قامت بتطويق المدينة بمساراتها المتعرجة بشبكة من مياه عذبة تجاوزت السدود. وأحد أجمل الوديان في المنطقة هو وادي الحيل الذي يغذي عددا كبير ا من المزارع الصغيرة المتناثرة على أطرافه، كما يقف على سقف الوادي قلعة وادي الحيل القديمة التي بدأت تعيد تاريخ الحياة في المنطقة خصوصا بعد الترميمات الأثرية التي أجريت لها مؤخرا، فتحت المجال أمام السياحة المحلية والعالمية إليها.

شلالات طبيعية


امتلأت شلالات وادي الوريعة ( محمية الوريعة الجبلية) وشلالات وادي الفاي في منطقة الطويين الجبلية خلال الأيام القليلة الماضية بالمياه الأمطار العذبة، التي بدأت تجري عبر مساقط صخرية مرتفعة وتشكلت شلالات رائعة لتصبح مقصدا سياحيا هاما للسياح بسبب جمال المناظر الطبيعية التي عكستها التكوينات الجبلية للمنطقة.


وتقف شلالات وادي الوريعة التي تبعد حوالي 54 كيلو مترا شمال مدينة الفجيرة كأجمل مناطق الجذب السياحي على الساحل لما تحتويه من تنوع بيولوجي هائل وطبيعة خلابة تسمح بتخييم العائلات والقيام بالتجول سفاري، كما وتحتضن جبال الطويين الوعرة بين ثناياها أودية عميقة و شلالات جميلة أحياها موسم الأمطار، خصوصا شلالات وادي «الفاي» السحيق الذي يصل عمقه في بعض المناطق إلى 40 مترا، مما جعله يشكل في موسم امتلائه بالماء نهرا يفصل بمساره المتعرج بين قرى صغيرة متناثرة تقبع على منحدرات الجبال السفلية، وصولا إلى شواطئ بحر دبا. وكثيرة هي المناطق الجبلية الجميلة التي انتعشت بزوارها بعد موسم أمطار الرحمة.


الأسواق الشعبية متعة المارة


لا تكتمل الرحلات العائلية في الساحل الشرقي إلا بعد المرور والتزود من الأسواق الشعبية المفتوحة الواقعة على الشوارع العامة للإمارة، حيث تعرض ببساطتها المتواضعة كل ما لذ وطاب من الأطعمة الشعبية المطبوخة والذرة المشوية والبطاطس الحلوة الساخنة والفواكه والتمور والخضروات، فضلا عن حزم الحطب وخيم ومعدات الشواء وباقي لوازم تخييم العائلات، وغيرها الكثير من الأدوات والتحف والسجاد التي تباع بأسعار زهيدة لتكون في متناول الجميع.


الشواطئ سياحة الفجيرة الراقية


رغم أن إمارة الفجيرة مازالت تسير بخطوات متواضعة في مسار تقديم نفسها إلى العالم سياحيا، إلا أنها نجحت مؤخرا عبر سلسلة الفنادق والمنتجعات البحرية الراقية التي أنشأتها على رفوف شواطئها الزرقاء الدافئة في كسب زبائن دائمين على الصعيدين الإقليمي والعالمي طوال العام، بل وأخذت الخدمات الفندقية في الفجيرة بطرح عروض سياحية فريدة تجمع ما بين الرحلات البحرية للجزر، ونزهات المراكب، والغوص في الأعماق القارية، ورحلات السفاري البري، وتنظيم جداول زيارات للمواقع التاريخية والأثرية في المنطقة.


وفي نفس الوقت الذي رسمت فيه الفنادق واجهات حضارية جميلة لشواطئ الإمارة، استغل السكان المحليون المناطق المتبقية لتكون مرتعا للعائلات ووجها للتخييم على الرمال، خصوصا منطقة الفقيت الواقعة في دبا، حيث هيأت الطبيعة بأشجارها الوافرة وجبالها المحيطة برمال وشواطئ ، مرتعا فريدا من نوعه لتخييم للعائلات وقضاء أوقات جميلة.


أثار وتراث حي


قد لا تحظى المناطق التاريخية والأثرية التي يزخر بها الساحل الشرقي باهتمام الزوار والعائلات في هذا الموسم من السنة، إلا أن الأراضي الخضراء التي اتشحت بها المناطق الجبلية المحيطة بهذه الآثار وسط الجبال، جعلت من هذه المواقع حلة جديدة تستحق الزيارة وأخذ الصور التذكارية. فمن الأشياء الجميلة التي لا تتكرر على المنطقة كثيرا مرور مواسم أمطار وافرة يحاول البعض استغلالها واغتنام فرصة المواسم الخضراء الجميلة.


كما وإن إمارة الفجيرة مثال رائع للمدينة الحية بالتراث خصوصا مع العروض الأسبوعية لمصارعة الثيران التي تستقطب زوارا من كافة إمارات الدولة والدول المجاورة، ناهيك عن الاستمتاع بسباقات الشيش والقوارب القديمة التي تكون تحت طلب المتواجدين في أي لحظة بما يمكنهم من الاستمتاع برحلة بحرية تقليدية يقوم بتولي زمامها سكان محليون.





المصدر
~( البيان )~